انقسامات داخل البنتاجون وفي الأوساط السياسية حول سحب القوات

في رد حاسم علي كل الاصوات المطالبة بالشروع في سحب القوات الأمريكية في العراق‏,‏ أكد الرئيس جورج بوش ـ في خطابه الإذاعي الأسبوعي ـ رفضه القاطع لأي خفض مبكر لقواته في العراق‏,‏ معللا ذلك بأن العمليات العسكرية هناك مازالت في بداياتها‏.‏

كما أعرب بوش عن رضاه التام عن العمليات العسكرية التي أطلقتها القوات الأمريكية في العراق منذ بدء وصول التعزيزات العسكرية التي تقدر بـ‏30‏ ألف جندي اضافي‏,‏ في بداية العام الحالي‏.‏

وأوضح أن هذه العمليات العسكرية الجديدة مازالت في مراحلها الأولي‏,‏ معتبرا ما وصفه بما تم تحقيقه من نجاح علي مدي الأشهر القليلة الماضية بأنه إشارة واضحة إلي أن الظروف علي أرض المعركة قابلة للتغيير‏,‏ بل إنها بدأت بالفعل في التغيير‏.‏

وشدد بوش علي أن القوات الأمريكية قتلت أو أسرت أكثر من‏1500‏ مقاتل في العراق بشكل شهري منذ يناير الماضي‏,‏ سواء أكانوا ينتمون لتنظيم القاعدة أو غيره من الجماعات المسلحة‏.‏

وحرص علي تأكيد إقبال شباب العراق علي الانضمام للجيش‏,‏ وأن دوريات الشرطة تجوب الشوارع بشكل منتظم‏,‏ كما أشار إلي بدء تشكيل مجموعات مراقبة في كل الاحياء بالمدن العراقية‏.‏

وأكد بوش في حديثه التعاون الكبير الذي يبديه العراقيون للادلاء بمعلومات مهمة حول المسلحين ومخابئهم‏.‏

يأتي ذلك في الوقت الذي نقلت فيه صحيفة واشنطن بوست عن مصادر مطلعة في البيت الأبيض تأكيدها أن الرئيس بوش لن يجري أي تغييرات جوهرية علي استراتيجيته في العراق‏,‏ حتي ولو أوصي التقرير المنتظر إن يتقدم به الجنرال ديفيد بيتريوس قائد القوات الأمريكية في العراق ورايان كروكر سفير واشنطن في بغداد للكونجرس منتصف الشهر المقبل بغير ذلك‏.‏ وأكد مسئول رفيع المستوي للصحيفة أن تقرير بيتريوس وكروكر من المتوقع أن يركز علي تحسن الأوضاع الأمنية في العراق علي مدي العام الماضي‏.‏

ووفقا لتقرير الـ واشنطن بوست‏,‏ فلن تطرأ أي تعديلات علي سياسة بوش قبل أبريل‏2008‏ عندما يبدأ الجيش في إعادة وحداته إلي الاراضي الأمريكية‏,‏ وعندئذ قد يتم اتخاذ قرار بتمديد مدة التناوب بين القوات من‏15‏ إلي‏18‏ شهرا‏.‏

وتوقع مسئول آخر خفض الوجود الأمريكي في العراق إلي مرحلة ما قبل تعزيز القوات أي‏15‏ لواء محاربا قوامها‏130‏ ألف جندي سنويا‏.‏

ويتزامن هذا التأكيد مع تصاعد الخلافات بين القادة العسكريين الأمريكيين داخل البنتاجون‏,‏ وعلي أرض المعركة في العراق‏,‏ حول مدي سرعة وكم الخفض المطلوب للقوات الأمريكية‏.‏

فقد أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن القادة الميدانيين في العراق يفضلون التباطؤ الشديد في خفض القوات‏,‏ في حين يرجح الجنرالات الأمريكيون بين أروقة البنتاجون إجراء خفض جوهري‏.‏

وذكرت الصحيفة أن الجنرال بيتربيس رئيس هيئة الأركان المشتركة والجنرال جورج كاسي قائد القوات البرية الأمريكية‏,‏ يقال أنهما يميلان من بين قادة آخرين للتوصية بخفض تدريجي كبير بحلول نهاية‏2008,‏ وربما يصل إلي نصف الألوية المحاربة حاليا‏,‏ والبالغ عددها‏20‏ لواء في العراق‏.‏ وهو الأمر الذي نفاه بشدة الجنرال بيس الذي أكد أنه لم يتخذ حتي الآن قرارا نهائيا بشأن التوصية التي سيقدمها لبوش‏.‏

وفي الوقت ذاته‏,‏ حذر تقرير قدمته‏16‏ وكالة مخابراتية أمريكية من عجز الزعماء السياسيين في العراق عن تولي مقاليد الحكم‏,‏ مؤكدا أن خفض القوات الأمريكية سيواكبه تزايد خطيرا في معدلات العنف الطائفي في البلاد‏.‏

وعلي صعيد آخر‏,‏ أكد تقرير منفصل لصحيفة نيويورك تايمز أن عدد المعتقلين العراقيين لدي قوات التحالف قد تصاعد بنسبة‏50%,‏ عقب تعزيز الرئيس بوش لقواته في العراق‏.‏

وأرجعت الصحيفة هذا التزايد الملحوظ في عدد المعتقلين إلي أن القوات الأمريكية بدأت تنشط في مناطق جديدة‏,‏ لم يكن لها أي وجود فيها من قبل‏.‏ كما أن زيادة عدد الوحدات العسكرية الأمريكية في العراق ساعدها علي الوجود علي مدار الساعة في المناطق الأكثر توترا‏.‏

وأشار التقرير إلي أن‏85%‏ من المعتقلين العراقيين من السنة‏,‏ ويؤكد القادة العسكريون أن نحو‏1800‏ من المعتقلين السنة يرجح انتماؤهم لجماعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة‏.‏ وهناك‏6‏ آلاف آخرين يعرفون أنفسهم بأنهم تكفيريون‏.‏

يأتي ذلك في الوقت الذي حذرت فيه صحيفة الاندبندنت البريطانية من تفاقم الكارثة الإنسانية في العراق‏,‏ حيث تشير الاحصاءات التي أجرتها اثنتان من جماعات حقوق الإنسان الدولية إلي ارتفاع عدد النازحين إلي أكثر من مليون عراقي منذ وصول التعزيزات العسكرية إلي العراق‏;‏ مؤكدين أن عدد النازحين العراقيين لم يكن يتجاوز‏500‏ ألف قبل هذا التاريخ‏.‏

وعلي الصعيد الأمني‏,‏ لقي‏6‏ عراقيين مصرعهم‏,‏ وأصيب‏30‏ آخرون اثر انفجار سيارة مفخخة شمال بغداد‏.‏

كما أعلنت القوات الأمريكية اعتقال قيادي في تنظيم القاعدة يحمل الجنسية المصرية‏,‏ وجاء إلي العراق أوائل عام‏1980,‏ ويحمل الجنسية العراقية وهو مسئول مهم في حزب البعث في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين‏.‏