في ضربة موجعة للمعارضة العلمانية والمؤسسة العسكرية

في ضربة موجعة للمعارضة العلمانية والمؤسسة العسكرية
عبدالله جول يؤدي اليمين الدستورية كرئيس للجمهورية التركية
أردوغان يعرض قائمة الحكومة المقبلة علي الرئيس الجديد الجمعة
‏..‏ وحزب العدالة يراجع المسودة النهائية للدستور المدني

بعد أربعة أشهر من الجدل الحاد الذي ساد الأوساط السياسية والشعبية في تركيا‏,‏ أدي عبدالله جول وزير الخارجية ومرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم اليمين الدستورية كالرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية‏,‏ وأول رئيس في تاريخ الجمهورية العلمانية له ماض إسلامي‏.‏

أعلن أمس قوقزال توبتان رئيس البرلمان التركي رسميا فوز جول بعد حصوله علي‏339‏ صوتا في الجولة الثالثة للتصويت والتي عقدها البرلمان التركي أمس‏.‏ وبذلك يفوق نصيب جول من الاصوات‏,‏ الاغلبية البسيطة اللازمة لفوز المرشح في الجولة الثالثة من الاقتراع البرلماني التركي‏,‏ والتي يقتضيها الدستور لتوليه المنصب والمتمثلة في‏276‏ صوتا من بين‏550‏ صوتا في البرلمان

وكان جول قد فشل في الحصول علي أغلبية الثلثين التي يقتضيها الدستور لتولي الرئاسة في الجولتين الأولي والثانية للتصويت في البرلمان اللتين أجريتا في‏20‏ و‏24‏ من أغسطس الحالي‏.‏

وذكرت صحيفة جمهوريت أن حزب الشعب الجمهوري‏,‏ أكبر أحزاب المعارضة‏,‏ واصل مقاطعته انتخابات الرئاسة‏,‏ لكن جول لم يكن يحتاج إلي دعم من أي حزب آخر‏,‏ لاسيما أن حزب العدلة يمتلك‏340‏ صوتا في البرلمان‏.‏ وأوضحت الصحيفة أن حزب الحركة القومية الذي ساند مرشحه في الانتخابات صباح الدين جاكماك أوغلو فتح الباب أمام رئاسة جول للبلاد لأن مشاركته في الجولتين الأولي والثانية مكنت البرلمان من إنجازهما بالأغلبية المطلوبة‏,‏ وبالتالي لم تكن هناك مشكلة في الوصول للجولة الثالثة التي لم يتمكن سوي مرشح العدالة والتنمية من الفوز بها‏.‏ ومن جهتها‏,‏ ذكرت صحيفة صباح أن حزب المجتمع الكردي الذي يملك‏20‏ مقعدا بالبرلمان دعم جول خاصة بعد تصريحات نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب نور الدين دميرتاش التي أكد فيها أن الجولة الثالثة ستشهد مفاجأة‏.‏ وأوضحت الصحيفة أن الناخبين في مدن شرق وشمال شرق تركيا الذين صوتوا لمصلحة النواب الأكراد في الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي طالبوهم بإعطاء أصواتهم لجول‏.‏ ويعتبر فوز جول ـ‏56‏ عاما ـ في الانتخابات الرئاسية فوزا لحزبه العدالة والتنمية ضد القوي العلمانية التي يدعمها الجيش ووقفت ضد الترشيح الأول لوزير الخارجية للرئاسة في أبريل الماضي بسبب جذوره الإسلامية‏.‏

وأشارت صحيفة وطن التركية إلي أن زوجة جول خير النساء وابنته كوبرا لم تحضرا أداءه اليمين الدستورية في البرلمان لارتدائهما الحجاب‏,‏ بينما حضر ابناه إمره وأحمد‏.‏ وأضافت أن جول وعائلته سينتقلون إلي قصر الرئاسة بعد عشرة أيام حيث يخططون لإقامة حفل استقبال كبير بالقصر‏.‏

ومن جانبها‏,‏ قررت حكومة حزب العدالة عرض قائمة الحكومة الجديدة علي جول غدا‏.‏ وذكرت صحيفة وطن أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتهي من إعداد البرنامج المتوقع لحكومته‏,‏ حيث سيعرض قائمة الحكومة الـ‏60‏ لتركيا علي الرئيس الجديد‏.‏ وأشارت الصحيفة إلي أنه سوف يتم في اليوم نفسه قراءة برنامج الحكومة في البرلمان للمراجعة الإثنين المقبل‏.‏ وأضافت أن الحكومة ستحصل علي ثقة البرنامج في الخامس من سبتمبر لتبدأ العمل رسميا مع وزرائها الجدد‏,‏ ومن بعدها يدخل البرلمان في عطلة اعتبارا من الأول من أكتوبر المقبل‏.‏

من جانب آخر‏,‏ أكد أردوغان أن الحكومة ستطرح الدستور المدني الجديد للاستفتاء لكي يكون مصادقا ومصدقا عليه من قبل الشعب‏.‏ وقال أردوغان ـ في تصريحات صحفية أمس الأول ـ إن حزبه يعكف حاليا علي مراجعة المسودة النهائية للدستور المدني الجديد وإننا نريد طرحه للاستفتاء لأننا لا نرغب في أن يصوت الشعب عليه فقط بل نريده أن يكون راضيا ومقتنعا به‏.‏ وأضاف‏:‏ نحن نريد أن تكون قوة هذا الدستور نابعة من الشعب وأنه بعد الانتهاء من المراجعة سنضع مسودة الدستور في كتاب سيتم تعميمه علي كل أنحاء تركيا من أول الأحزاب السياسية مرورا بالمجتمعات المدنية إلي الأكاديميين ووسائل الإعلام‏.‏

وأوضح أنه بعد عرضه علي البرلمان سيطرح للاستفتاء الشعبي‏,‏ بما يعني أن التصويت سيكون من البرلمان والمصادقة النهائية ستكون من الشعب‏,‏ مشيرا إلي أن المسودة تحتوي علي‏138‏ مادة‏.‏ ومن جانبه‏,‏ حذر الجنرال يشار بيوك إنيت رئيس أركان الجيش التركي ـ الذي لعب دورا محوريا في إفشال محاولة جول الأولي في الوصول للمقعد الرئاسي ـ من مراكز الشر التي ترغب في تقويض النظام الدستوري للبلاد‏.‏

وأشار بيوك إنيت ـ في بيان مكتوب ـ إلي أن دولتنا تشاهد تصرفات مراكز الشر التي تسعي إلي هدم القواعد العلمانية‏.‏ وأضاف أن القوات المسلحة التركية لن تقوم بأي تنازلات في واجبها حماية الجمهورية التركية والنظام العلماني والاجتماعي القائم علي دور القانون‏.‏ ووصف المراقبون البيان بالأمر التقليدي الذي يصدر من وقت لآخر إلا أنهم أرجعوا أهمية توقيته إلي أنه يرد بشكل قاطع علي ما تردد في شأن نية حزب العدالة الحاكم لطرح دستور مدني جديد اختفت منه أي إشارة لتعاليم أتاتورك‏.‏ واعتبر المراقبون صدور البيان إشارة إلي فوز جول ذي الجذور الإسلامية‏,‏ بما يؤدي إلي تقويض النظام العلماني‏,‏ وأن الجيش لن يوقف صامتا إذا رأي أن العلمانية مهددة‏,‏ غير أنهم يرون أنه لن يؤثر علي الانتخابات الرئاسية‏.‏ علي صعيد آخر‏,‏ قام الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار أمس بزيارة لضريح مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفي كمال أتاتورك للمرة الأخيرة قبل تسليم منصبه للرئيس الجديد للبلاد‏.‏ ووضع سيزار إكليلا من الزهور علي قبر أتاتورك ووقف دقيقة حدادا علي روحه‏,‏ وكتب في سجل الزيارات بالضريح معربا عن سعادته لإكمال فترة رئاسته لتركيا وولائه الكامل لمبادئ أتاتورك وإصلاحاته وقواعد الدستور والقيم الأساسية للجمهورية‏.‏

وفي غضون ذلك‏,‏ كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة ميلليت عن أن‏72.6%‏ من الأتراك ليس لديهم اعتراضات علي ارتداء السيدة الأولي الحجاب ويرونه أمرا طبيعيا‏,‏ مقابل‏19.8%‏ أبدوا انزعاجهم من ذلك‏,‏ وأظهر الاستطلاع أن نحو‏53%‏ يريدون رئيسا نزيها وذلك كأهم صفة في الرئيس مقابل‏28.4%‏ أكدوا ضرورة ولاء رئيس الدولة لقيم الجمهورية والعلمانية‏,‏ بينما رأي‏12.6%‏ ضرورة أن يكون الرئيس متدينا‏.‏