kareem rashad عضو مميز
عدد الرسائل : 573 العمر : 73 تاريخ التسجيل : 16/11/2007
| موضوع: سلوكيات 000 وسلوكيات !!! الأحد يناير 25, 2009 6:54 pm | |
| بين سلوكيات المصريين .. وسلوكيات العالم المتحضر
عماد سيد
واشنطن - عماد سيد - مرت عدة أيام وأنا في الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا في العاصمة واشنطن .. افتقدت أهلي وزوجتي وأصدقائي وعملي .. لكنني وللمرة الثانية في حياتي اشعر بأني إنسان .. له الحق في الاحترام والشعور بالأمان والمعاملة الحسنة.
كانت المرة الأولى حين كنت في تركيا حين غادرت العالم العربي لأول مرة، وخلال المرتين شعرت باحترام الجميع للآخر .. لا أحد ينظر إلى لونك .. إلى ما ترتدي .. إلى طريقتك في السير إلى آخر تلك الأشياء التى اعتدنا في عالمنا العربي أن نلتفت إليها.
كلما سرت في شوارع القاهرة أو أي من مدن مصر المحروسة أشعر بأن الناس تراقب بعضها بعضا وتعلق على أي شيء في الآخرين حتى ولو كان تافها .. ولا أعرف بأي ذريعة نعطي لأنفسنا هذا الحق في اختراق مساحة خصوصية الآخرين ولو بالنظر .. لماذا نتطفل على الآخرين ؟ لماذا نتحرش بكل ما هو أنثوي ؟ لماذا لا ندع الناس و شأنهم و نهتم نحن بشئوننا و سلوكياتنا و التي هي بالطبع في حاجة إلى تعديلات هائلة.
الجميع بتعامل بهدوء واحترام .. لم أسمع أصواتا تتعالى بالشتائم القذرة التي اعتدت سماعها يوميا .. إذا دخلت المصعد في أي مكان ترى من فيه يرحبون بك وهم لا يعرفونك .. تجد من أمامك يظل ممسكا بباب المحل أو المبنى حتى تمر أنت وهكذا عليك أن تفعل مع من خلفك .. لا يوجد تدافع في مترو الأنفاق .. إذا كانت المحطة مزدحمة فيمكنك الانتظار لتستقل القطار التالي لا أن تدفع من أمامك ليسقط على وجهه أو على القضبان أو أن تتصارع مع الباب لتفتحه عنوة بعد إغلاقه وكأنك هرقل لتلحق بهذا القطار تحديدا وإلا ستتأخر عن موعدك وهو الأمر الخطير الذي سيعطل الكرة الأرضية عن الدوران !!
الشرطة تعامل الناس باحترام .. لا يوجد من يظهر لك من تحت الأرض ليسألك عن أوراقك .. إذا تواجدت في مكان غير آمن مثل أماكن البناء أو الحفر أو مكان يحظر دخوله على العامة تجد شرطيا يتجه إليك بكل هدوء ويقول لك : سيدي .. هذا المكان غير آمن أو يمنع التواجد داخله.. من فضلك توجه إلى المكان الآخر ويشير إلى المكان المقصود .
إذا اشتريت شيئا يعاد لك ما تبقى من مال ولو كان أصغر وأتفه من تلتفت إليه .. لا يوجد شيء اسمه "يبقى لك" أو "ما فيش فكة" أو "انزل من العربية فك من البنزينة" أو "أبقى فك قبل ما تركب يا بيه" أو "الشاي بتاعنا" وليس عيبا أن تسأل عما تبقى لك من مال فهو حقك وليس لأحد أن يأخذه منك بسيف الحياء ولا أن تتركه تأكيدا منك على أنك أغنى راكب في ... الميكروباص !!
طفت وحيدا في شوارع تلك العاصمة التي لا تتبع أي ولاية وتسمى شوارعها باسماء الولايات وقد صممها شخص فرنسي على هيئة مربع ضخم .. طفت وأنا أكاد أبكي .. كيف تدهورت بلادي إلى هذا الحد ؟ ما الذي حدا بأهل بلادي ومن يديرون شئونها إلى التردي بنا إلى هذه الدرجة ؟ ألا نستحق أن نشعر نحن أيضا بكرامتنا ؟ ألا نستحق أن نشعر بالأمان ونحن نمر بجوار ضابط الشرطة أو عسكري المرور دون أن نتوقع أن يسألنا : جاي منين ؟ رايح فين ؟ بطاقتك يا فندي ؟ طلع اللى في جيبك .. قلب نفسك.
وبلغ غيظي وشعوري بالحنق المدى وأنا أقف إلى جوار مبنى البنتاجون وبل والمباحث الفيدرالية الأمريكية والبيت الأبيض ومبنى الكابيتول و التقط الصور التذكارية لتلك المباني التى لم أرها إلا في الأفلام .. و وقف غيري العشرات يفعلون المثل دون أدني شعور بالقلق سواء منا أو من جانب القائمين على حراسة هذه الأماكن، وأنت الذي لا تستطيع أن ترفع كاميرا في أي مكان بمصر لتلتقط صورة ولو لمحل تافه في شارع جانبي بميدان التحرير دون أن يظهر أحد أفراد الأمن السريين أو من يرتدون الملابس الرسمية من تحت الأرض ليسألك من أنت وماذا تصور ولماذا تصور وأين تصريح التصوير وكأن هذه الأماكن أخطر من البنتاجون أو غيره !!
الأطفال هنا أطفال بحق .. أبرياء وادعون .. تحب أن تراهم وهم يلعبون ويمرحون .. ليست لديهم تلك النزعات التدميرية والقتالية التي تملأ نفوس تلك الشياطين الصغيرة في بلادنا والتي لم تترك شيئا إلا وامتدت إليه أيديهم العابثة بالتدمير والإهلاك .. أذكر في مرة - والله تعالى على ما أقول شهيد - أني كنت اركب أوتوبيس نقل عام .. هل تعرفون ماذا كانت متعة ومرح أطفالنا ؟ أن يضربوا نوافذ الأوتوبيس بالــ "بمب" وهم يتضاحكون ويفرحون بشدة كلما رأوا نظرات الفزع في أعين الناس.
ترى .. هل يمتد بي العمر لأرى تغير عادات وسلوكيات وطبائع الشعب المصري .. أم أقضي نحبي و أنا يحدوني الأمل في ذلك؟ | |
|